جريدة القصر الكبير
جاسم الحلفي
رفع البصريون في تظاهرتهم الحاشدة المطالبة بتحسين الكهرباء، بوسترا كبيرا عبارة عن أصبع بنفسجي مقطوع في دلالة لا تقبل الشك على ندمهم على انتخاب من لم ينفذ وعوده الانتخابية. لكن المسؤولين في العراق لا يكترثون كثيرا، على ما يبدو، لأمر ناخبيهم. فمهمة الناخبين عندهم تنتهي لحظة وضع ورقة الاقتراع في صندوق الانتخابات. فإنتهت وفقا لذلك علاقتهم بالناخبين، هذا إذا كانت هناك علاقة قد نسجت أصلا. فبعضهم كانت علاقته بالناخب تمر عبر شاشة التلفزيون، وفلكسات الدعاية، فيما كانت علاقة البعض الآخر عبارة عن عملية مباشرة، او عبر وسيط، لبيع وشراء أصوات المعوزين الذين ارتضوا بيع الصوت لكسب القليل، دون ان يدركوا ان الثمن البخس إنما كان على حساب تحسين الكهرباء، ورفع مستوى الخدمات، والحصول على الماء الصالح للشرب، كما اتضح جليا هذه الأيام.
ليست الكهرباء وانقطاعها وتدهور الوضع المعيشي والحياتي ما يشغل بال المسؤولين، إنما يشغلهم كرسي الحكم، وخلافاتهم على تفسير حكم المحكمة الدستورية، حول أحقية أي من الكتلتين في تشكيل الحكومة، هل هي الكتلة التي تشكلت قبل الانتخابات ام تلك التي اندمجت بعدها؟! لذا لا تشكل الخدمات وأهمية تقديمها للمواطنين أي أولوية لدى المسؤولين، فسرعة وسلامة تنقلهم من والى العواصم التي مولت حملاتهم، والخلاف حول المطارات العسكرية والمدنية كمهبط لطائراتهم الخاصة وإقلاعها، هو ما يختلفون عليه!
لم تعد ذرائع المسؤولين وتبريراتهم حول نقص الخدمات تنطلي على احد، كما ان وعودهم فقدت مصداقيتها، وأصبحت مصدر استهزاء المواطنين وتندرهم. فكلما تحققت "انتصارات" على الإرهاب تراجعت الخدمات طرديا بمقدار حجم كل "انتصار". وكلما زادت كميات تصدير النفط تزداد معها ساعات انقطاع الكهرباء! فيما غدا قرار رفع سعر الكهرباء بهدف ترشيد استهلاكها، نكته أضحكت الناس كثيرا على أصحاب هذا القرار.
تشكل مفارقة محاصرة المسؤولين في مكاتبهم وفرارهم، اضطرارا، الى أماكن أخرى من غضب الجماهير التي انتخبتهم قبل أشهر عديدة على امل تحسين ظروف حياتها المعيشية، صورة متكررة عن مصير مسؤولي النظام السابق وهزيمتهم امام انتفاضة الجماهير الغاضبة. ويبدو ان بعض المسؤولين لم يتعظوا من درس غضب العراقيين حينما لا يجدون معنى لحياتهم التي ينغصها العوز والحاجة والحرمان، ولنا شواهد من هبات الجماهير واحتجاجاتها الشديدة، على استخفاف المسؤولين وعدم اهتمامهم بقضايا الناس وحاجاتهم. كما سجلتها صفحات تاريخ العراق المعاصر.
لا توجد مفردة إقالة او استقالة في قاموس السياسة العراقية، حتى لو بات فشل المسؤول في أداء مهمته كارثيا على حياة الناس ومعيشتهم، فالمدرسة التي قال أستاذها يوما "لن اسلم العراق الا تراباً" يبدو ان امثولتها مترسخة في ذهن البعض. مع ذلك لا احد يسلم من غضب الشعب الذي تمكن عبر مظاهراته المتواصلة من إجبار وزير الكهرباء على تقديم استقالته، في غضون ثلاثة أيام، بينما لم يتمكن البرلمان السابق من إقالة وزير التجارة الا بعد توافقات استغرقت ثلاث سنوات!.
الدستور ضمن الحق للمواطنين في التعبير عن آرائهم سلميا، فالحركة الاحتجاجية التي شهدناها خلال الأيام الأخيرة هي للتعبير عن عدم الرضا والسخط، والمطالبة بالخدمات وتحسين الظروف المعيشية. لذا فواجب توفير التراخيص لتسيير التظاهرات السلمية وتأمين حمايتها، يقع على عاتق السلطات المسؤولة، ولا يمكن اعتبار منع الناس من الاحتجاج الا تجاوزا على هذا الحق الدستوري لا يمكن القبول به تحت اية ذريعة. ويتطلب الامر، بدلاً من ذلك، التجاوب مع مطالب الناس واحتياجاتهم، ذلك انه اذا طفح الكيل، يصعب تصور ردود فعل الناس، فردة الفعل هذه، هي الأمر الوحيد الذي لا يوجد له أي مقياس.
رفع البصريون في تظاهرتهم الحاشدة المطالبة بتحسين الكهرباء، بوسترا كبيرا عبارة عن أصبع بنفسجي مقطوع في دلالة لا تقبل الشك على ندمهم على انتخاب من لم ينفذ وعوده الانتخابية. لكن المسؤولين في العراق لا يكترثون كثيرا، على ما يبدو، لأمر ناخبيهم. فمهمة الناخبين عندهم تنتهي لحظة وضع ورقة الاقتراع في صندوق الانتخابات. فإنتهت وفقا لذلك علاقتهم بالناخبين، هذا إذا كانت هناك علاقة قد نسجت أصلا. فبعضهم كانت علاقته بالناخب تمر عبر شاشة التلفزيون، وفلكسات الدعاية، فيما كانت علاقة البعض الآخر عبارة عن عملية مباشرة، او عبر وسيط، لبيع وشراء أصوات المعوزين الذين ارتضوا بيع الصوت لكسب القليل، دون ان يدركوا ان الثمن البخس إنما كان على حساب تحسين الكهرباء، ورفع مستوى الخدمات، والحصول على الماء الصالح للشرب، كما اتضح جليا هذه الأيام.
ليست الكهرباء وانقطاعها وتدهور الوضع المعيشي والحياتي ما يشغل بال المسؤولين، إنما يشغلهم كرسي الحكم، وخلافاتهم على تفسير حكم المحكمة الدستورية، حول أحقية أي من الكتلتين في تشكيل الحكومة، هل هي الكتلة التي تشكلت قبل الانتخابات ام تلك التي اندمجت بعدها؟! لذا لا تشكل الخدمات وأهمية تقديمها للمواطنين أي أولوية لدى المسؤولين، فسرعة وسلامة تنقلهم من والى العواصم التي مولت حملاتهم، والخلاف حول المطارات العسكرية والمدنية كمهبط لطائراتهم الخاصة وإقلاعها، هو ما يختلفون عليه!
لم تعد ذرائع المسؤولين وتبريراتهم حول نقص الخدمات تنطلي على احد، كما ان وعودهم فقدت مصداقيتها، وأصبحت مصدر استهزاء المواطنين وتندرهم. فكلما تحققت "انتصارات" على الإرهاب تراجعت الخدمات طرديا بمقدار حجم كل "انتصار". وكلما زادت كميات تصدير النفط تزداد معها ساعات انقطاع الكهرباء! فيما غدا قرار رفع سعر الكهرباء بهدف ترشيد استهلاكها، نكته أضحكت الناس كثيرا على أصحاب هذا القرار.
تشكل مفارقة محاصرة المسؤولين في مكاتبهم وفرارهم، اضطرارا، الى أماكن أخرى من غضب الجماهير التي انتخبتهم قبل أشهر عديدة على امل تحسين ظروف حياتها المعيشية، صورة متكررة عن مصير مسؤولي النظام السابق وهزيمتهم امام انتفاضة الجماهير الغاضبة. ويبدو ان بعض المسؤولين لم يتعظوا من درس غضب العراقيين حينما لا يجدون معنى لحياتهم التي ينغصها العوز والحاجة والحرمان، ولنا شواهد من هبات الجماهير واحتجاجاتها الشديدة، على استخفاف المسؤولين وعدم اهتمامهم بقضايا الناس وحاجاتهم. كما سجلتها صفحات تاريخ العراق المعاصر.
لا توجد مفردة إقالة او استقالة في قاموس السياسة العراقية، حتى لو بات فشل المسؤول في أداء مهمته كارثيا على حياة الناس ومعيشتهم، فالمدرسة التي قال أستاذها يوما "لن اسلم العراق الا تراباً" يبدو ان امثولتها مترسخة في ذهن البعض. مع ذلك لا احد يسلم من غضب الشعب الذي تمكن عبر مظاهراته المتواصلة من إجبار وزير الكهرباء على تقديم استقالته، في غضون ثلاثة أيام، بينما لم يتمكن البرلمان السابق من إقالة وزير التجارة الا بعد توافقات استغرقت ثلاث سنوات!.
الدستور ضمن الحق للمواطنين في التعبير عن آرائهم سلميا، فالحركة الاحتجاجية التي شهدناها خلال الأيام الأخيرة هي للتعبير عن عدم الرضا والسخط، والمطالبة بالخدمات وتحسين الظروف المعيشية. لذا فواجب توفير التراخيص لتسيير التظاهرات السلمية وتأمين حمايتها، يقع على عاتق السلطات المسؤولة، ولا يمكن اعتبار منع الناس من الاحتجاج الا تجاوزا على هذا الحق الدستوري لا يمكن القبول به تحت اية ذريعة. ويتطلب الامر، بدلاً من ذلك، التجاوب مع مطالب الناس واحتياجاتهم، ذلك انه اذا طفح الكيل، يصعب تصور ردود فعل الناس، فردة الفعل هذه، هي الأمر الوحيد الذي لا يوجد له أي مقياس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق