الاثنين، 14 ديسمبر 2009

قصتي مع الجزائر المستتر منها كالظاهر

[] إن المغربي في انتمائه لبلده مغربي يبقى حتى وهو يحيا أدق الظروف وأخطرها على حياته يستصغر الصعاب ويٌفتت سماكة اليأس وٌيبخر هواجس الخوف ليندثر من حياله بلا هوادة ، ويزرع في كل خطوة إلى الأمام بصمة الرجولة الموروثة عند المغاربة أبا عن جد .
[] وحينما أعود للذاكرة، لتلك المواقف الرهيبة، افهم عمق الحب الكبير الذي يحمله الإنسان لوطنه. فلا الشدائد تٌصرف المخلص عن مبتغاه ، و لا العذاب ينسيه استمرارية النضال ، ولا المغريات المادية تقدر على إيقاف الواهب كيانه ووجوده فداء لوطنه.
[] قمنا بواجبنا ونقشناها جملة مقروؤة علي جبين الجزائر " المسيرة الخضراء" حينما أرادتها هذه الأخيرة (المعزوزي وزير العمل ، وكاتب ياسين ، والأجهزة الثلاث ) حمراء.
بقلم : مصطفى الخمار منيغ
في الصورة : مصطفى الخمار منيغ بالزي العسكري وخلفه بنهاشم العلوي رئيس الشؤون العامة بوزارة الداخلية ساعتها يتوسطان حشدا من رجال الإعلام الوطنيين والدوليين في اليوم الذي استرجعنا فيه اقليم الداخلة
جريدة القصر الكبير
تلك كانت الصورة الحقيقية للكفاح المرير الذي خضناه نحن المغاربة في الجزائر مساهمة منا في تلبية النداء الملكي للمشاركة في المسيرة الخضراء المظفرة، أسترجعها اليوم وكأنني أعيشها منذ لحظات فقط متضمنة حقائق تنشر لأول مرة في الصحافة.
... الهدف يتجلى أقوى وامتن خارج هذا الوطن إذا كانت المبادئ راسخة في الوجدان والعقل متحصن لمواجهة كل المغريات بما يحتفظ به من عهود هي أساس هذا الترابط وهذا التلاحم بين المواطن ووطنه. والمسيرة الخضراء تتجلى عظمتها في منح الفرصة الثمينة لجيل ما بعد الاستقلال ليخلد اسمه في معركة استرجاع جزء من أرض الوطن ، كما خلد جيل ما قبل الاستقلال اسمه في معركة طرد المحتلين من أرض الوطن .
... مرت الأشياء كما توقعت ، وتم العناق الحار بيننا نحن الثلاثة "مصطفى الخمار منيغ"، و" العزاوي بنيحيى"، و"أبو يوسف بلعيد" وكانت البسمة هذه المرة من القلب تملأ فضاء ذاك المكان بأحلى ما يتمناه المرء من لحظات ، وهل هناك أحلى من الخروج إلى النور لتتراءى أمامك الأشياء جميلة ممتعة تنسيك عذاب المسير ، وارتعاش الخوف، وهلع الحواس ؟ ، هل هناك أحلى من الرجوع سالما وأنت تشعر أنك أديت ما يرضي ضميرك اتجاه وطنك ، وما يجعلك تفتخر حتى مع نفسك أو صحبة ذويك أو عائلتك الصغرى وهي تصفق لك برموش عيونها إعجابا وتقديرا لما قدمت وأنجزت ؟، هل هناك أحلى؟،حينما تتأكد فعلا أنك وفيت بالعهد ومنحت بنفسك المثال الحي للآخرين الذين سلموك أنفسهم لتسير بهم حيث قررت وتنجح أخيرا في الوصول بهم إلى الهدف ؟. لا أعتقد أن هناك أحلى من هذه اللحظات وصدورنا تعاود استنشاق روائح تربة مغربنا الطاهرة وقد أتت علينا سويعات اقتحمنا فيها اليأس للتفكر ( مجرد التفكير) أن ذلك لن يكون ؟ ، لكن المجاهد الحق ، والمناضل الصادق في نضاله يصارع اليأس ويقذف به وبسرعة عن طريقه لأن إرادة الصمود في عقله أقوى من ان يأخذ منها أي مأخذ ، وحينما أعود للذاكرة،إلى تلك المواقف الرهيبة، افهم عمق الحب الكبير الذي يحمله الإنسان لوطنه. فلا الشدائد تٌصرف المخلص عن مبتغاه ، و لا العذاب ينسيه استمرارية النضال ، ولا المغريات المادية تقدر على إيقاف الواهب كيانه ووجوده فداء لوطنه. أشياء بقدر ما هي أحاسيس شخصية بقدر ما هي عامة تربط الناس بعضهم ببعض إن كانوا مؤمنين بأن الوطن في حاجة إليهم حقا حيث يوجدون ومهما كانت مواقعهم دون أمر صادر عن مسؤول ودون مهمة خاصة أو غير خاصة مسندة إليهم ، لأن القضية أكبر من الأوامر وأسمى من المهمات ، إنها قضية الوطن بكل ما ترمز إليه كلمة "قضية" من أرض وشعب وكرامة ومستقبل . إلى هذا الحد كنا مقدرين تلك المسؤولية التي حملناها على عواتقنا لذا ما استغربت ذهول هؤلاء المسؤولين ، تعلق الأمر بالسيد محمد الدبي القدميري العامل السابق لإقليم وجدة ، أو السيد بناني رئيس الأمن الإقليمي ساعتئذ (30أكتوبر سنة 1975)، أو رجال الشرطة المشتغلين بأخطر نقطة آنذاك ، نقطة "زوج بغال" ، والتوتر بالغ أوجه بين الجزائر والمغرب ، أو السيد ألسوسي رحمه الله ، وآخرين احتفظ بأسمائهم لشرح قادم . لا أستغرب ذهول هؤلاء جميعهم حينما علموا بأننا قمنا بواجبنا ونقشناها جملة مقروؤة علي جبين الجزائر " المسيرة الخضراء" حينما أرادتها هذه الأخيرة (المعزوزي وزير العمل في حكومة الراحل هواري بومدين، وكاتب ياسين ، والأجهزة الثلاث ) حمراء . فما عشناه نحن المغاربة وسط تلك الديار ، التي بقدر ما احترمناها وأحببناها كانت تخفي بين جنباتها أناسا تنكروا للجميل وحاولوا جر بعض ضعاف العقول ومرضى النفوس إلى إلحاق الضرر بمن ربط منا مصيره بمصير وطنه ، أو أظهر تدمره بما يحاك في الخفاء من أعمال أقل ما يقال عنها أنها منافية لتضحيات الشهداء المغاربة التي ضمتهم التربة الجزائرية وهم يدافعون عن حريتها وانعتاقها واستقلالها .
كيف تم لنا ذلك ،وكيف استقبلتنا مدينة وجدة في شخص مسؤوليها استقبال الأبطال؟، ذاك ما سنتعرض إليه في الجزء التالي بحول الله
يتبــــــــــــــــــع

ليست هناك تعليقات: